Admin Admin
عدد المساهمات : 25 نقاط : 72 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 05/08/2011
| موضوع: [الصف العاشر] فن النقائض في العصر الأموي السبت أكتوبر 29, 2011 6:12 pm | |
| موضوع أدبي يعالج فن النقائض في العصر الأموي .
إعداد و تقديم الطَّالبة : ياسمين برهان سيفو.
الأول الثانوي – ثانوية السيِّدة زينب.
_____________________________
ذخر الأدب العربي بما حواه من فنون الكلمة , و لا سيَّما الشعر، الذي اعتبر بحق "ديوان العرب" . دوِّن فيه نتاجهم الشعري الذي أرَّخ لأحداث مرَّت بها قبائلهم و عشائرهم و دولهم . حيث جاء ترتيب هذا الديوان وفقا للعصور التي مروا بها من الجاهليَّة، إلى الإسلام، إلى العصر الأموي، فالعبَّاسي و ما تلاه من دويلات، نتجت عن الفتوحات في شمال إفريقيا و الأندلس .
و الملفت للنَّظر في العصر الأموي أن عادت العرب إلى عصبيَّتها القبليَّة كما في الجاهلية، حيث ازدهر و تبلور فنُّ النَّقائض، الذي هو لون جديد من ألوان الأدب والمناظرة الأدبية , و الأصل فيه المقابلة والاختلاف، لأن الشاعر الثاني يجعل همّه أن يفسد على الشَّاعر الأوَّل معانيه، فيردُّها عليه إن كانت هجاء، ويزيد عليها ممَّا يعرفه أو يخترعه، وإن كانت فخرًا كذَّبه فيها، أو فسَّرها لصالحه، أو وضع إزاءها مفاخر لنفسه وقومه ,فهذا جرير يهجو بني نمير قبيلة الفرزدق قائلا :
فغضَّ الطرف إنَّك من نمير ... فلا كعبا بلغت ولا كلابا
فجاء ردُّ الفرزدق قائلا :
أتعدل حومتي ببني كليب ... إذا بحري رأيتَ له اضطرابا
تروم لتركب الصَّعداء منه ... و لو لقمان ساورها لهابا
فقد بادر جرير لهجاء الفرزدق متعاليا عليه بنسبه وقبيلته ,مستخدما مفردات قوية تخدم غرضه ,وفي رد الفرزدق : نفى دواعي فخر جرير و كذَّبه و نسب الفخر و المديح إلى نفسه و قبيلته بني تميم .
وليست النقائض شعرًا فحسب، بل قد تكون رَجَزًا، أو نثرًا، وقد تجمع النَّقائض بين الشِّعر والنَّثر في الوقت ذاته. شريطة أن يتوفَّر فيها وحدة الموضوع وتقابُل المعاني، وأن تتضمن الفخر والهجاء و الوعيد أيضًا.
فمن الوعيد ما جاء على لسان جرير حينما قال :
إذا غضبت عليكَ بنو تميم ... حَسبتَ النَّاسَ كلَّهُم غِضابا
و ما لبث الفرزدق أن ردَّ على جرير بقوله :
فإنَّك من هجاء بني نمير ... كأهل النار إذ وجدوا العذابا
هنا نجد أنَّ كلا الشَّاعرين يتوعّد و يهدِّد الآخر محذِّرا إيَّاه من غضب قبيلته .
فالنَّقائض هي بمثابة معارك شعرية دارت رحاها بين عدد من شعراء العصر الأموي،و كان من أبرز فرسانها :
جرير و الفرزدق و الأخطل.
هذا و قد نشأت النَّقائض مع نشأة الشِّعر، وتطوَّرت معه وإن لم تُسمَّ به مصطَلحاً، فقد كانت تسمى أحياناً منافرةً . وكانت في البداية لا تلتزم إلا بنقض المعنى والمقابلة فيه، ثم صارت تلتزم بعض الفنون العامَّة دون بعضها الآخر، مما جعلها لا تبلغ درجة النقيضة التامة، وإن لم تبتعد عنها كثيرًا، ولاسيَّما في جانب القافية. ولاشك أن النقائض نشأت ـ مثل أيِّ فنٍّ من الفنون ـ ضعيفة مختلطة. وبمرور الزمن والتراكم المعرفي والتتبُّع للموروث الشعري، قويت واكتملت واتَّضحت أركانها وعناصرهَا الفنيَّة. فوصلت على يد الفحول من شعراء بني أميَّة إلى فنٍّ مكتمل الملامح تام البناء،متخذاً الصُّورة النِّهائية للنَّقيضة . و لو رجعنا إلى العصر الأموي وبحثنا عن أسباب انتعاش النقائض وازدهارها في هذا العصر لوقفنا على أسباب خاصَّة وأُخرى عامَّة,و من الأسباب الخاصَّة : السبب الاقتصادي, فنقائض جرير والأخطل متأثرة به ، إذ أنها قامت على ما كان بين قيس وتغلب من منافسةٍ على أرضِ شبه الجزيرةِ العربية، واستغلالها منذ نزلت قيس فنسرين أساءت جوار تغلب فوقف جرير والأخطل متناقضين.
في حين تجسَّدت الأسباب العامةلها في ميادين شتَّى، منها الميدان السياسي الَّذي تمثّل بتشجيع خلفاء بني أمية لهذا النوع من الشعر بغية صرف الناس عن التفكير في أحوالِ السياسةِ . والميدان العقلي تجسّد بنمو العقل، وقدرته على الحوار والجدل والمناظرة، في قضايا السِّياسيةِ والعقيدةِ، والفقه والتشريع .
فلقد تناظر الشعراء بحقائق القبائل، ومفاخرها، فدرسَ كلّ منهم موضوعَهُ وبحثَ في أدلتهِ ليوثِّقهَا ، وفي أدلَّةِ خَصمِهِ لينقُضهَا , فحين قال جرير :
فغضَّ الطرفَ إنَّكَ من نميرٍ ... فلا كعباً بلغتَ ولا كِلابَا
ردَّ الفرزدقُ قائلاً :
و لم ترثَ الفوارسَ من كليبٍ ... ولا كعباً ورِثْتَ ولا كلابَا
هنا يفخر جرير بشجاعته، و شجاعة قبيلته، ولكن الفرزدق في ردِّه، نفى عنه هذه الصفة، أي نقضها.
و الميدان الاجتماعي: تمثّل في حاجة المجتمع العربي، وخاصَّةً في البصرةِ إلى ضَربٍ من الملاهي يقضي به الناس أوقات فراغهم. وكان لكل نقيضةٍ موضوعا تناولته، ولعَلَّ الهِجاء و الفخر من أبرز هذه الموضوعات,فها هو الفرزدق يفخر بقومه منشدا :
إنَّ الذي سمكَ السَّماءَ بنى لنا بيتاً دعائمهُ أَعزُّ وأطولُ
و جاء ردُّ جريرٍ :
أخزى الذي سمك السَّماء مجاشعاً وبنى بناءكَ في الحضيضِ الأسفلِ ومن النقائض ما صوَّرَ الحياة الاجتماعية فأحسنَ تصويرها ، ووصف ما جرت عليه أوضاعُ النَّاسِ، ومنها العادات المرعية والأعراف والتقاليد التي يحافظ عليها العربي أشد المحافظة. فكانت السيادة، والنجدة، والكرم، وكان الحلم، والوفاء والحزم، من الفضائل التي يتجاذبها المتناقضون، فيدَّعي الشَّاعرُ لنفسهِ ولقومهِ الفضلَ في ذلكَ. حتى أصبحت النقائض سجلاً أُحصيت فيه أيَّامُ العربِ ومآثرهم وعاداتهم وتقاليدهم . ومما لا يجب إغفاله: أن النقائض فنٌّ أعطى الكثير للُّغة العربية فأغناها ،إضافة إلى أنه كساها بحلَّةٍ من الألفاظِ و المعاني القويَّةِ الرَّائعةِ، فضلاً عن أنه وثق لمرحلةٍ من مراحلِ الشعر العربي في العصر الأموي .
مصادر البحث : شبكة الإنترنت .
مع تحياتي | |
|